البحث في هويّة الإله عند العرب قبل الإسلام


السؤال الأساسيّ لهذا الفصل هو الأصول التاريخيّة – بالمعنى الواسع للمفهوم – لفكرة الإله المقدّس في الجزيرة العربيّة.

وجواباً عن هذا السؤال تتبّع الباحث في مرحلة أولى هذه الفكرة عبر شبكة المفاهيم اللّغويّة التي كانت تتّصل بها، من خلال الاهتمام بثلاث كلمات مصطلحات تمثّل بؤراً لغويّة معبّرة عن فكرة الإله المقدّس. هذه الكلمات هي: الإله، واللّه، والربّ.

وقاده البحث التاريخيّ متعدّد الأبعاد فيها إلى اكتشاف تجذّرها في المجال التداوليّ لعرب الجزيرة في علاقة بأديانهم القديمة قبل الإسلام، لا سيما منها ما كان متّصلاً بعبادة الكواكب. وهي أديان اختلطت فيها روافد ثقافيّة مختلفة، أهمّها الروافد الرافديّة، والسريانيّة، والعبرانيّة.

وفي مرحلة ثانية من بحثه الأركيولوجيّ، تتبّع الباحث الأسباب المختلفة لنشأة هذا المقدّس في الجزيرة العربيّة، والأدوار التي كان يؤدّيها. فصنّف هذه الأسباب حسب الأبعاد التي كانت توجّه التديّن الجاهليّ القديم، إلى أربعة أسباب كبرى: أوّلها السبب النفسي في جميع تشكّلاته خوفاً من المصير ومن القوى الطبيعيّة، ومن المجهول، أو إعجاباً بالكون وإجلالاً له، أو ممارسة لخاصيّة التديّن الأصيلة في الإنسان.

وثاني هذه الأسباب اجتماعيّ يتّصل بالدور الاجتماعي الذي كان ينجزه التديّن، من منظور دوركهايم وليفي شتراوس. أمّا السبب الثالث فهو اقتصاديّ متّصل بنمط الإنتاج، والتبادل التجاري، وبمفهوم المنفعة الماديّة الذي وجّه عرب الجزيرة إلى عبادة كلّ ما يتوقّع منه خير ما. وقد بيّن الباحث هنا أهميّة العاملين التجاري والاقتصادي في إعلاء شأن مكّة دينيّاً. أمّا آخر الأسباب فهو حضاري جامع، اهتمّ فيه الباحث خاصّة بدور المجال الجغرافي ببعديه التاريخيّ والحضاريّ في تشكيل خصائص التديّن العربيّ الجاهليّ.

إنّ ما أراد الباحث التنصيص عليه في هذا الفصل إجمالاً هو الارتباط الوثيق بين التديّن الجاهليّ في الجزيرة العربيّة وظروفه الزمانيّة الإنسانيّة العامّة في تشابكها المؤسّس. وقد حاول الباحث تفكيك خيوط هذا النسيج، وبيّن أنّها إبداع إنسانيّ متشبّع بكلّ عناصر التجربة الإنسانيّة المعيشة.

  للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا

الساسي بن محمد الضيفاوي

باحث تونسي حاصل على الماجستير في الدراسات المقارنة في اللغة والأدب والحضارة، وهو عضو بفريق بحث "حفريات في مقارنة النصوص" بكلّية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان، وهو بصدد إعداد أطروحة الدكتوراه في موضوع: "التراسل بين محمّد ومعاصريه".
زر الذهاب إلى الأعلى